كن جميلا ترى الوجود جميلا .. عندما تتفتح حاسة الجمال في أعماقنا يتغير كل شئ فينا و يتبدل , حتى كأننا أشخاصا آخرين .. العين الباصرة و الأذن السامعة و القلب الشاعر و الحركة السارية .. عندما تتفتح حاسة الجمال في أعماقنا يتغير كل شئ من حولنا و طري...قة علاقتنا به : أشخاصا و أشياءا و مشاهد و أحداثا .. عندما تتفتح حاسة الجمال في أعماقنا حينها فقط نستشعر قيمة إسلامنا الكريم و معنى إنسانينا الفاضلة و قيمة وجودنا في هذا العالم المهيب الجميل .. عندما تتفتح حاسة الجمال في أعماقنا حينها فقط نجد السعادة و الطمأنينة , و نجد النور و الصفاء , و نجد السمو و الإرتقاء .. يا أخي .. الكل يحتاج لأن تعامله بحاسة الجمال .. نفسك تحتاج لأن تعاملها بقانون تلك الحاسة .. فأعطها : الهدف الراقي , و الفكر السامي , و الأسلوب " في الحياة " الكريم .. زوجتك تجتاح لأن تعاملها بقانون تلك الحاسة .. فأعطها : النظرة الهادئة , و الكلمة الجميلة , و اللمسة الحانية , و الموقف المعبر .. ولدك يحتاج لأن تعامله بقانون تلك الحاسة .. فأعطه : الحب الصافي , و الشفقة الحانية , و التوجيه الرشيد .. جارك يحتاج لأن تعامله بقانون تلك الحاسة .. فأعطه : الإبتسامة المشرقة , و المساعدة الأمينة , و التضحية القوية .. صديقك يحتاج لأن تعامله بقانون تلك الحاسة .. فأعطه : النصيحة الصادقة , و الموعظة الحسنة , و التوجيد الحكيم .. المجمتع جميعا يحتاج لأن تعامله بقاون تلك الحاسة .. فأعطة : العمل المثمر , و الإبداع المفيد , و الدفقة الدافعة .. يا أخي .. ليكن مفهوم الجمال مهيمنا على كينونتك جميعا : فكرا و أخلاقا و علاقات ... فإنك بذلك تربح كل شئ و تفوز بكل شئ .. تربح من نفسك السكينة و الطمأنينة .. و تربج من زوجتك الحب و الحنان .. و تربح من ولدك البر و الإعجاب .. و تربج من كل الناس التقدير و الإحترام .. و تفوز قبل ذلك و أثناء ذلك و بعد ذلك برضى الله الجليل , و حب الملائكة الأقربين ... يا أخي .. إن الإسلام الكريم الذي تعتز به , و إن إنسانيتك الفاضلة المتألقة في ضميرك كلاهما يأبيان عليك إلا التعامل بحاسة الجمال .. يقول الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم : " إن الله جميل يحب الجمال " .. حديث رائع جدا و معبر جدا و مصور لحقيقة هذا الدين في شموليته و تكامله و آفاقه .. و إنه ليخيل إلي أن الشرائع ما نزلت للإنسان إلا لتعيد إليه تألق إنسانيته الفاضلة و جمالها الزاهي , فإنك مهما فتشت في تعاليم هذا الدين لا تجد شيئا يأباه العقل و ينفر منه القلب و تنقبض عنه الطبيعة الفاضلة .. فهذا الدين يعطيك منهاجا للمعاملة مع : الله و مع الإنسان و مع الوجود جميعا .. منهاجا قائما على مراعاة الحكمة الإلهية و حقائق الفطرة .. و لقد ضرب لنا الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم مثلا لهذه المعاملة الفاضلة و هذا الحس الجمالي المرهف .. فخذ مثلا , كان إذا رأى جبل أحد قال : هذا جبل يحبنا و نحبه .. و كان إذا رأى الهلال قال : الله أكبر اللهم أهله علينا بالأمن و الإيمان و السلامة و الإسلام , و التوفيق لما تحب و ترضى ربي و ربك الله .. و مع الأشخاص كان يعامل زوجاته معاملة توحي برقة قلبه و رهافة حسه و حفاظه على مشاعر زوجاته رضي الله عنهن .. و كان يعامل أصحابه بالرقة و الحنان و يتغاضى عن ما قد يصدر عنهم مما لا يليق .. إن مطالبة هذا الدين الإنسان المسلم للتعامل بمثل هذه الشاكلة من المعاملة الجميلة الراقية مع كل شئ و مع كل أحد , لآ جرم أنها تفيض فيه إحساس الجمال و هو يتفاعل مع كل شئ و كل أحد .. و بالله عليك قل لي : ماذا تخسر إذا تعاملت بحاسة الجمال مع نفسك و زوجتك و ولدك و جارك و صديقك و كل الناس .. ؟؟ لن تخسر شيئا .. إن من حقائق هذه النفس أنهالا يصدر عنها شئ ما " قولا أو فعلا " إلا و أثر فيها تأثيرا ما إن إيجابا و إن سلبا .. و أنت حينما تتعامل بحاسة الجمال و فضلية الفطرة مع كل شئ و مع كل أحد تكون مواقفك هذه قوة تمد بها عقلك و روحك نحو السمو و الإرتقاء .. و أن عسى أن يكون هذا من المعاني التي رعتها الشريعة عندما أمرت بالإبتسامة في وجه أخيك المسلم و بكظم الغيظ و التسامح و الصدقة و التكافل مع الناس .. و غيرها من الآداب الراقية .. يا أخي كن جميلا في عقلك و قلبك و أحلامك و علاقاتك تجد السعادة و الطمأنينة و تفوز برضى الله و فلاح الآخرة ..
مع الأحتفاظ بحقوق صاحبها.